جامع الأشرفية بمدينة تعز تحفة فنية تجاوز عمرها 600عام
يُعَدُّ جامع الأشرفية بتعز نموذجاً للمدارس الدينية التي كانت يوماً من الأيام في تاريخ اليمن الإسلامي منتشرة ينهل منها طلاب العلم وروادالعلوم الدينية المختلفة.
يتكئ جامع الأشرفية على هضبة عالية ويطل عليه قلعة القاهرة الشامخة الشاخصة والتي أطلق عليها (دار الأدب) حيث يعتقل فيه كل منتسول له نفسه شق عصا الطاعة على ملوك الدولة الرسولية (628-858هـ ).
تذكرُ كتب التاريخ أن الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل بن الأفضل (761-803هـ )كان يُجِلُّ العلم والعلماء، كما أن له مشاركة في علومجمة، فقد أخذ الفقه على الفقيه علي بن عبد الله الشاوري، والنحو على الفقيه عبد اللطيف الشرجي، وسمع الحديث على مجد الدينالشيرازي وله مصنفات في النحو والفلك وأخبار الخلفاء والملوك...
وفضلاً عن ذلك فإن له مآثر دينية منها عمارته لجامع المملاح قرية على باب زبيد ومدرسة بتعز وغيرها .
وشرع الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل ببناء هذا الجامع الذي يسمى بـ (الأشرفية) نسبة إليه،والذي يحتوي على مدرسة دينية في سنة(696هـ) وتم الانتهاء من بنائها في السنة التي مات فيها .
المئذنتان التوأمتان:
لجامع الأشرفية مئذنتان رشيقتان توأمتا الشكل والحجم وارتفاعها 35متراً. فبدن المئذنة وقاعدتها مرتفعة ثم تنبثق منها مئذنة أنيقة الصنعوللمئذنة شرفتان وتتوج قمتها قبة متوسطة الحجم ناصعة البياض. والمئذنتان تقعان في مؤخرة المسجد واحدة في الناحية الجنوبية الشرقيةوالثانية في الناحية الجنوبية الغربية، وبين هاتين المئذنتين عدد من القباب الكبار والصغار.
والمسجد على أي حال يجذب الأنظار بشكله الخارجي فالمئذنتان والقباب رسمت لوحة بديعة وأصيلة تنم عن فن العمائر الإسلامية في اليمن. كما أن المسجد يستند على هضبة مرتفعة غير أن مساحتها صغيرة فمساحة المسجد أو على وجه التحديد مساحة بيت الصلاة 50 ذراعاًوعرضه 25 ذراعاً وعلى حافة سقف المسجد الخارجي شرفات تحيط به كإحاطة السوار بالمعصم فنراها من بعيد كأنها عرائس السماء مماأضفى على الشكل الخارجي للمسجد جمالاً وبهاء .
وفي الجدار الخارجي الغربي للمسجد أربع نوافذ كبيرة شبيهة بحذوة الفرس وعندما نصعد عدداً من الدرجات ونتجه إلى اليسار، يصافحناباب عتيق الهيئة، ضخم البنيان، مصنوع من الخشب في الناحية الغربية من بيت الصلاة .
بيت الصلاة :
مسجد الأشرفية عبارة عن بيت صلاة أي أنه مغطى ماعدا الفناء الخاص بأضرحة آل رسول . ومع الأسف أن بيت الصلاة مُعتم في كثير منمساحته وأجزائه، فأشعة الشمس لا تجد منافذ كافية لتسقط على أرضيته لتضيئه إضاءة قوية.
وعقود بيت الصلاة عين من عيون فن بناء العقود ودليل على إحساس المعماري اليمني المرهف في عمل هذه العقود الجميلة المحتفظة بألوانهاالزاهية حتى يومنا هذا ومن أرضية بيت الصلاة تنبثق أعمدة مختلفة الأحجام والأشكال، فمنها الرشيق والضخم.
وكان للمسجد برك ومغاطيس تجلب مياهها عبر قنوات تأتي من أعلى الجبل من قرية (حودي) .
فالمسجد في كل ركن من أركانه ينطق بأن الفنان اليمني صاغه بروح مؤمنة عميقة الإيمان.
تعليقات
إرسال تعليق
شكراً على تفاعلكم معنا